قال وزير العدل وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية شريدة المعوشرجي، ان الأمة الإسلامية شهدت في محطات مختلفة من تاريخها تحديات كبيرة ونوازل عظيمة أحاطت بها من كل جانب، ورغم ذلك كله كانت الأمة الإسلامية تمتلك في كيانها عناصر البقاء والقوة والنهوض، فهي محفوظة بحفظ الله لها، وجعل فيها كتاباً هادياً محفوظاً من التحريف والتبديل، وسنة مبينة للمحجة البيضاء، والنهج الأقوم، وشريعة سمحة سخر لها طائفة من أهل العلم الإيمان، جعلهم ظاهرين بالحجة والبرهان، ينهضون بمهمة تجديد معالم الدين، وربط حاضر الأمة بماضيها، والاجتهاد في إصلاح واقعها والتأسيس لمستقبلها.
وافتتحت وزارة الأوقاف تحت رعاية سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، صباح أمس، مؤتمر «ندوة مستجدات الفكر الإسلامي الثانية عشرة بعنوان» فقه السياسة الشرعية ومستجداتها المعاصرة» بفندق كراون بلازا، بحضور كوكبة من العلماء والمشايخ والمفكرين ورجال الدين والدعاة.
وأضاف المعوشرجي «يشرفني أن أنوب عن سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد في هذه الندوة المباركة، كما يسرني أن أنقل لكم تحيات ترحيب سموه حيث يقام هذا المؤتمر برعايته الكريمة، إيماناً منه بمنزلة العلماء، ودورهم المهم، وأثرهم الطيب فأهلاً وسهلاً بكم، وجزاكم الله خيراً على ما تبذلونه في خدمة الإسلام والمسلمين».
وأشار إلى أن العوامل والأسباب الكونية والقدرية، العلمية والعملية، جعلت الأمة تمتلك سياسة شرعية، تقود سفينتها بين الأمواج المتلاطمة بتوازن واعتدال تراعي فيها المحافظة على المكتسبات الكبرى لأمة الإسلام، بتحصيل المصالح وتكميلها، ودفع الفمفافسد وتقليلها، وتبرز معالم رسالتها الخالدة، وحضارتها الراشدة، من خلال تفاعلها مع الحوادث والنوازل وفق خصائص هويتها، ومبادئ قيمها وأخلاقها.
وبين أن العالم الإسلامي يشهد اليوم تقلبات كبيرة، وتحولات متسارعة، وحوادث جساماً تمثل في مجموعها تحدياً كبيراً للأمة الإسلامية ودولها ومجتمعاتها في أمنها واستقرارها ونهضتها حاضراً ومستقبلاً، نعتقد أن استحضار تلك السياسة الشرعية، وتفعيل دورها في المحافظة على كيان المسلمين ودولهم، وترشيد العلاقة بين الحكام والمحكومين، وإبراز آثارها في الفتوى والدعوة والإصلاح، وتوعية الأجيال الصاعدة بأبعادها وآفاقها الرحبة، بما يبرز سماحة الشريعة الإسلامية، ومرونتها وصلاحها وإصلاحها لكل زمان ومكان، نعتقد أن ذلك كله من واجب الوقت، ومن أداء الأمانة وإبراء الذمة والقيام بالمسؤولية.
ولفت إلى اننا نعتقد جازمين بأن هذا العطاء العلمي والرؤية الشرعية المتزنة من قبل ثلة من أفاضل العلماء والباحثين من دول مختلفة، ليمثل رصيداً علمياً مهماً للمستفيدين والمسترشدين والعاملين لعز الإسلام ومجد هذه الأمة... والعودة إليه للنهل من معينه، وجني ثماره، والانتفاع بنتائجه.
وقال إن المأمول بأهل العلم والإيمان، والفقه والاستنباط، أن يحكموا في قولهم ودعوتهم ونظرتهم إلى الحوادث المستجدة من خلال كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ويستنبطوا بغزارة علمهم وثاقب نظرهم من الأحكام والتوجيهات العميقة ما يغفل عنه أكثر الناس والظن بهم أيضاً أن تحكمهم في ذلك خشية الله وتقواه.
من جانبه، قال وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الدكتور عادل الفلاح، ان للمشروع الإسلامي مستجدات حادثة، وتحديات قائمة أساسها، هو دقة المواءمة بين ثوابت الشرع وقطعياته وبين معالجة متغيرات هذه النوازل ومستجداتها بمنهجية صحيحة معتبرة، وتلك زاوية من أخطر زوايا الفكر الإسلامي لأنها مرتبطة ببيان صلاحية الإسلام في كل زمان ومكان.
وأشار إلى أن النظر في اهمية مستجدات السياسة الشرعية بعين التوسط والاعتدال من خلال علماء راسخين عرفوا بالعلم والتعمق لأن هذا النوع من الاجتهاد التجديدي لا يمكن أن يتأتى إلا من خلال عقول وثابة خلاقة للأفكار على معرفة جيدة بواجب الشرع وواجب الوقت والممكن والمستطاع ولأن إهمال فتح باب النقاش والتحاور في تلك المستجدات بعين العلم المستمد من نصوص الكتاب والسنة والوسطية المستوحاة من فهم علماء أمتنا الثقات تسبب في كوارث عظيمة ومضار شنيعة زادت من تعميق حالة التخبط والتناحر في الأمة ونتج عن ذلك تبلور اتجاهات في التنظير والحركة تنزع النصوص الشرعية من سياقاتها وتنزلها على غير مناطاتها في قضايا تمس استقرار المجتمعات الإسلامية وتماسكها.
وأنه إذا لم يتم تناول تلك المستجدات بمنهج علمي وموضوعي فسوف تستمر المجازفات وهدر الطاقات، والعبث بالأحكام الشرعية، والمساهمة السلبية بالإساءة إليها، وإراقة الدماء وهتك أمن المجتمعات وإشاعة الفتن والقتل بين الناس بدعاوى الإصلاح والتغيير.
وقال لقد كان من جملة ما أنعم الله به على أمتنا أن جعلها أمة وسطاً بين الأمم، حيث قال سبحانه وتعالى ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا)، ولا شك في أن مرجعية العلماء المزاوجة بين الإدراك الدقيق بالحكم الشرعي وانزاله على واقعه، يعد من أهم معالم تلك الوسطية، ولذلك كان همنا الاستراتيجي في وزارة الأوقاف متوجها إلى تعزيز تلك المرجعية، وتنفيذ ما يتطلبه تعميقها وتعزيزها من برامج وفعاليات محلية وعالمية فردية ومؤسسية، لاسيما بعد أن وفق الله الكويت في إخراج أعظم مؤلف فقهي في القرن العشرين وهو الموسوعة الفقهية، باعتبار الدول الكبير الذي تقوم به المرجعية الفقهية في رفع الخلاف وجمع الصف ووحدة الكلمة واستيعاب دروس الماضي وتقويم الحاضر ورسم آفاق المستقبل، ولا شك أن غياب هذه المرجعية، يعد باباً كبيراً من أبواب تكريس التطرف والغلو، وفتح الطريق أمامه، كما جاء في الحديث الصحيح « إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ولكن يقبضه بموت العلماء حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤوسا جهالاً فضلوا وأضلوا.
الراي : 26-11-2013